"تماسك القبائل بين شرع الله والعرف: قصة عفو ووفاء تهز القلوب"
في لحظات تتقاطع فيها مصائب الحياة مع بركاتها، تحوّلت حالة وفاة مفاجئة إلى مناسبة خيرٍ جَمَّت فيها النفوس، فكانت وفاة المتوفي سببًا في نفع الجميع. فقد تجلّى التماسك القبلي في أبهى صوره، إذ وقف كل فرد من أفراد القبيلة صفًا واحدًا لتأكيد قيمة تطبيق الدين الإسلامي وتنفيذ القانون كحق راسخ للدولة، مع اعتبار رضا الله غايةً سامية تفوق كل اعتبار دنيوي. كان المشهد يبدأ بتلاحم كبار القبيلة، الذين جمعوا شمل كل فروع القبيلة في موقفٍ مشترك، مؤكدين أن الوحدة والاحترام المتبادل لا يعرفان حدودًا. كما ظهر تماسكٌ بين قبيلتي بلي والأرميلات، حيث تصافحت القلوب وتلاقت العقول لإعطاء كل صاحب حق حقه، بغية إرضاء الله قبل البشر. وبعد سماع الحكم الشرعي الذي أكد حق المتضرر، تجلت روح العفو والغفران كقيمةٍ لا غنى عنها في مجتمعنا، فعفا صاحب الحق عن حقه لله، وفي مشهد لا يُنسى من رحمات الله، قُوبل العفو بإهداء رباني؛ فقد تبرّع أحد الحضور، الذي لا يعرف حتى أغلب أفراد قبيلته، بحجة كاملة للمتوفي على حسابه الخاص. هذا كله كان تعبيرًا صادقًا عن إيمان الجميع بأن من يسعى لإرضاء الله لن يخيب أمله، وأن العفو الذي ي...