احذر من استخدام أسماء تتضمن لفظ الجلالة على مواقع التواصل وجهات الاتصال – حكم شرعي وأدلة تفصيلية
مقدمة – تنبيه من منارة العقول
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة استخدام أسماء تحتوي على ألفاظ دينية مثل "الحمد لله"، "الله المستعان"، "عبد الله ولكن"، وغيرها، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو في جهات الاتصال. فهل يجوز شرعًا اتخاذ مثل هذه الأسماء؟ وما حكم الشرع في ذلك؟ هل يقع على من يستخدمها ذنب؟ وما موقف العلماء من هذه الظاهرة؟
هذا المقال سيأخذك في رحلة فقهية تفصيلية، نستعرض فيها الأدلة من القرآن والسنة، وننقل آراء كبار العلماء، مع ذكر الأسماء المكروهة شرعًا للأطفال، حتى يكون لديك فهم شامل عن هذا الأمر.
أولًا: حكم استخدام أسماء تتضمن لفظ الجلالة في غير مواضعها
1. حكم الشرع في استخدام أسماء مثل "الحمد لله" و"الله المستعان"
اتفق العلماء على أن أسماء الله تعالى لها قدسية عظيمة، ولا يجوز استخدامها بشكل يخرجها عن سياقها الصحيح أو يعرضها للاستهزاء أو الامتهان. ومن ذلك:
-
القرآن الكريم نهى عن ذكر الله في مواطن غير لائقة، كما قال تعالى:
﴿ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ﴾ (البقرة: 231).
أي لا تجعلوا ألفاظًا دينية في غير مواضعها الصحيحة. -
في السنة النبوية، نهى النبي ﷺ عن ذكر اسم الله في أماكن النجاسة أو المزاح، كما جاء في الحديث:
"لا يُذكَرُ اسمُ اللهِ إلَّا على طُهرٍ" (رواه أبو داود وصححه الألباني).
فكيف بمن يستخدم أسماء مقدسة في سياقات غير مناسبة، مثل الردود العشوائية على مواقع التواصل؟
2. أقوال العلماء حول كراهة أو تحريم استخدام هذه الأسماء
أ. الإمام النووي – وجوب توقير أسماء الله
قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه الأذكار:
"يُستحب تعظيم اسم الله وعدم استخدامه في أمور دنياوية غير لائقة."
وهذا يدل على كراهة اتخاذ أسماء فيها ذكر الله بشكل لا يليق.
ب. الإمام ابن القيم – حفظ أسماء الله من الامتهان
في كتابه بدائع الفوائد، شدد ابن القيم على ضرورة عدم إدخال أسماء الله في مزاح أو لعب، لأن ذلك يعد امتهانًا لها.
ج. الشيخ ابن عثيمين – كراهة اتخاذ أسماء فيها ذكر الله في غير مواضعها
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"لا ينبغي اتخاذ أسماء مثل (الله المستعان) أو (الحمد لله) لأنها ألفاظ تعبدية لا يجوز تحويلها إلى أسماء أشخاص أو معرفات إلكترونية."
د. أبو هريرة – التحذير من سوء استعمال أسماء الله
روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
"إن لله تسعةً وتسعين اسمًا، مَن أحصاها دخل الجنة" (رواه البخاري ومسلم).
وهذا يدل على أن الأسماء يجب أن تبقى في موضعها التعبدي الصحيح.
3. هل يقع ذنب على من استخدم هذه الأسماءفي مواقع التواصل الاجتماعي؟
- إذا كان الاستخدام عن جهل، فلا إثم، لكن يجب التنبيه والتغيير فورًا.
- إذا كان عن عمد واستهزاء، فقد يقع في المحرم، خاصة إذا أدى إلى امتهان اسم الله.
- الأفضل ترك الشبهات، كما قال النبي ﷺ: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (رواه الترمذي).
ثانيًا: الأسماء المكروهة والمحظورة في الإسلام
1. الأسماء التي تحتوي على تزكية للنفس
قال النبي ﷺ: "إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك" (رواه مسلم).
ومن الأسماء المكروهة لهذا السبب:
- برَّة (لأنها تزكي النفس، وقد غير النبي ﷺ اسم امرأة كانت تسمى بذلك).
- العابد الصالح، التقي، الورع، لأن فيها تزكية للنفس.
2. الأسماء التي تتضمن شركًا أو تشبه أسماء الله
- مالك الملوك (كما في الحديث السابق).
- عبد النبي، عبد الكعبة، لأن العبودية لا تكون إلا لله.
3. الأسماء التي فيها معانٍ مذمومة
- حزن: غيّره النبي ﷺ إلى سهل.
- شيطان، ظالم، جبار: لما فيها من معانٍ سيئة.
4. الأسماء التي فيها دلالات سيئة أو غير لائقة
- الأسماء التي تحمل معاني الفسوق أو الفحش.
- الأسماء التي تدل على التشبه بالكفار أو المشركين.
ثالثًا: هل يجب تغيير الاسم علي التواصل الاجتماعي او اي موقع غيره فورًا؟
إذا كان الاسم يحتوي على لفظ الجلالة، فالأفضل تغييره احترامًا لحرمة أسماء الله. وقد كان النبي ﷺ يغير الأسماء غير اللائقة فورًا.
قال العلماء: "يستحب تغيير الأسماء المكروهة والمحظورة فور العلم بحكمها، لأنه من باب احترام الدين والبعد عن الشبهات."
خاتمة – هل يستحق الأمر هذا الانتباه؟
الكثير قد يستهين بهذه الأمور، لكنه في الحقيقة جزء من تعظيم شعائر الله. قال تعالى:
﴿ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ (الحج: 32).
لذا، وجب التنبيه على ضرورة احترام أسماء الله وتجنب استخدامها في غير مواضعها.
إذا كنت تستخدم اسمًا علي مواقع التواصل الاجتماعي او اي موقع اخر يحتوي على لفظ الجلالة، فالأفضل تغييره فورًا لئلا تقع في شبهة الامتهان. واحرص على اختيار أسماء ذات معانٍ حسنة وموافقة للشرع.
روابط الأدلة والمصادر
- القرآن الكريم – البقرة: 231
- حديث صحيح – البخاري ومسلم
- كتاب الأذكار – النووي
- فتاوى الشيخ ابن عثيمين – موقع الإسلام سؤال وجواب
نأمل أن يكون هذا المقال قد أفادك. شاركه مع غيرك ليصل العلم للجميع!
تعليقات
إرسال تعليق
شرفتنا بمرورك