الأمثال الشعبية المرتبطة بالشهور القبطية تعرف علي تلك الشهور وحِكَم الأجداد وإرث الزراعة المصرية
مقدمة منارة العقول:
مرحبًا بكم في منارة العقول، حيث نُبحر معًا في عوالم المعرفة والثقافة، مستلهمين من تراثنا الغني ما يُنير حاضرنا ويُوجّه مستقبلنا. اليوم، نغوص في أعماق التراث المصري لنستكشف الأمثال الشعبية المرتبطة بالشهور القبطية، تلك الحِكَم التي تناقلها الأجداد جيلًا بعد جيل، مُجسّدة خبراتهم الزراعية ومعرفتهم العميقة بالطبيعة والمناخ.
المقال:
تُعد الشهور القبطية جزءًا لا يتجزأ من التراث المصري، حيث اعتمد عليها الفلاحون منذ القدم في تنظيم مواسم الزراعة والحصاد. يرتبط كل شهر قبطي بأمثال شعبية تعكس تجارب الأجداد مع المناخ والزراعة، وقد أصبحت هذه الأمثال جزءًا من الذاكرة الجماعية للمصريين. في هذا المقال، نستعرض هذه الأمثال ونُفسّر معانيها ودلالاتها.
1. شهر توت (11/12 سبتمبر):
المثل: "توت يقول للحر موت"
التفسير: يشير هذا المثل إلى انكسار حدة الحرارة مع بداية شهر توت، مما يُمهّد لبدء موسم الزراعة. كما يُقال: "توت رَيّ ولا تموت"، في إشارة إلى أهمية ري الأرض في هذا الشهر لضمان محصول جيد.
2. شهر بابة (10/11 أكتوبر):
المثل: "بابة خش واقفل البوابة"
التفسير: يُنبّه هذا المثل إلى ضرورة الاستعداد لبرد هذا الشهر، حيث يُنصح بإغلاق الأبواب والنوافذ للحماية من البرد.
3. شهر هاتور (10/11 نوفمبر):
المثل: "هاتور أبو الدهب منثور"
التفسير: يُقصد بالذهب هنا حبوب القمح المنتشرة في الحقول خلال هذا الشهر، مما يدل على وفرة المحصول. كما يُقال: "إن فاتك زرع هاتور، اصبر لما السنة تدور"، أي أن من يفوّت زراعة هذا الشهر عليه الانتظار للعام المقبل.
4. شهر كيهك (10/11 ديسمبر):
المثل: "كيهك صباحك مساك، شيل إيدك من غداك وحطها في عشاك"
التفسير: يشير المثل إلى قِصر النهار في هذا الشهر، حيث يتقارب وقت الصباح مع المساء، مما يجعل اليوم يبدو قصيرًا جدًا.
5. شهر طوبة (9/10 يناير):
المثل: "طوبة تخلي الشابة كركوبة"
التفسير: يُعبّر المثل عن شدة البرد في هذا الشهر، حيث يجعل حتى الشابة النشيطة تشعر بالتعب وكأنها عجوز.
6. شهر أمشير (8/9 فبراير):
المثل: "أمشير أبو الزعابيب الكتير، ياخد العجوزة ويطير"
التفسير: يُعرف هذا الشهر بالرياح القوية والعواصف (الزعابيب)، والتي قد تكون شديدة لدرجة أنها تؤثر حتى على الأشخاص المسنين.
7. شهر برمهات (10/11 مارس):
المثل: "برمهات روح الغيط وهات"
التفسير: يُشير المثل إلى موسم الحصاد، حيث يُنصح الفلاحون بالذهاب إلى الحقول لجني المحاصيل مثل القمح والعدس والبصل.
8. شهر برمودة (9 أبريل):
المثل: "برمودة دق العامودة"
التفسير: يعني المثل بدء عملية دق سنابل القمح بعد نضجها في هذا الشهر، استعدادًا لتخزين الحبوب.
9. شهر بشنس (9 مايو):
المثل: "بشنس يكنس الغيط كنس"
التفسير: يشير المثل إلى انتهاء موسم الحصاد، حيث تُصبح الحقول نظيفة بعد جمع المحاصيل.
10. شهر بؤونة (8 يونيو):
المثل: "بؤونة تنشف الميه من الماعونة"
التفسير: يدل المثل على شدة الحر في هذا الشهر، حيث تتبخر المياه بسرعة من الأواني بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
11. شهر أبيب (8 يوليو):
المثل: "أبيب أبو اللهاليب"
التفسير: يُعبّر المثل عن شدة الحر في هذا الشهر، حيث تكون درجات الحرارة في ذروتها.
12. شهر مسرى (7 أغسطس):
المثل: "مسرى تجرى فيه كل ترعة عسرة"
التفسير: يشير المثل إلى زيادة مياه النيل في هذا الشهر بسبب الفيضان، مما يؤدي إلى جريان المياه في جميع القنوات والترع.
13. الشهر الصغير (النسيء):
المثل: "في النسيء تزرع أي شيء"
التفسير: يُعتبر هذا الشهر فترة انتقالية، حيث يمكن زراعة أي محصول حتى لو كان خارج موسمه المعتاد، نظرًا لاعتدال المناخ خلاله.
أهمية هذه الأمثال في الحياة اليومية
تمثل هذه الأمثال الشعبية خلاصة تجارب الفلاحين عبر العصور، حيث اعتمدوا على المناخ في تحديد مواسم الزراعة والحصاد. ورغم تطور العلوم الزراعية، لا تزال هذه الأمثال تُستخدم كدليل استرشادي بين المزارعين، مما يعكس قيمة الخبرة المتوارثة عبر الأجيال.
كيف تعكس هذه الأمثال العلاقة بين المصريين والطبيعة؟
تُبرز هذه الأمثال مدى ارتباط المصري القديم بالبيئة من حوله، حيث استند إلى ملاحظاته الدقيقة للطقس في تحديد مواسم الزراعة والحصاد. كما أن بعض هذه الأمثال أصبحت تُستخدم في الحياة اليومية كتشبيهات للحالات المختلفة، مثل تعبير "طوبة تخلي الشابة كركوبة" لوصف شدة البرد.
خاتمة
إن الأمثال المرتبطة بالشهور القبطية ليست مجرد عبارات متداولة، بل هي سجل تاريخي يعكس ذكاء الأجداد في فهم الطبيعة والتكيف معها. إنها تمثل إرثًا ثقافيًا فريدًا يعزز ارتباطنا بالزراعة والمناخ، وتظل حتى اليوم دليلاً على حكمة الأجيال السابقة في التعامل مع البيئة.
مصادر موثوقة:
- موسوعة التراث الشعبي المصري – مكتبة الإسكندرية
- أبحاث حول التقويم القبطي والمواسم الزراعية – المركز القومي للبحوث الزراعية
- كتب التراث والفلكلور المصري – الهيئة العامة للكتاب
بهذا المقال، نسعى في منارة العقول إلى تسليط الضوء على الحكمة المتوارثة عبر الأجيال، ونقل المعرفة بطريقة تحترم تراثنا الثقافي، مع مراعاة الدقة والموثوقية. نأمل أن يكون هذا المقال قد أضاف إليكم فهمًا أعمق لتاريخنا الشعبي، فلا تنسوا مشاركته مع أصدقائكم لدعم نشر المعرفة الصحيحة!
تعليقات
إرسال تعليق
شرفتنا بمرورك